بنت بعدد النجوم


 
أنا بنت اسمها كوثر, لكنهم ينادونها بِـ " مجنونة ", أخبرتني صديقتي أن هذه البنت تدرس الأدب العربي في إحدى الجامعات بغزة, عمرها الآن وصل عشرون سنة, تحب الله كثيرا رغم أنه لم يُعطها ما تمنته في تلك الليلة حين نامت وحيدة في حضن الدموع, هذه المجنونة كائن لا يُرى, تمشي في الشارع معك, ترافقك إلى أمسية شعرية, تشاركك ارتشاف فنجان قهوة في مقهى مزاج, تختار لك قميصا و ياقة مناسبة من مجمّع اللولو ثم تصيح " آه.. لا هذه الياقة أجمل.. اشتريها"..
تقول أمي أن كوثر ابنة مطيعة و تحتفظ بسر ما لا تُسرّه إلى أحد و تخفيه حتى عن أمها, مجنونة تألف و تكتب بشراهة كأنها طائر جارح يعيش على لحوم الغزلان!, إنها تكتب كي تتخلّص من كراكيب العالم و عتمته, و الكتابة عندها لا تصل إلى حلم بأن تصبح كاتبة أو شاعرة, حلم الكتابة عند هذه البنت يكمن في عزلتها عن الكُتّاب و تفادي لقائهم, الكتابة في دفاتر كوثر تشبه الاستحمام من عرق صيفي مالح, تقول صديقتي الشجرة محتجة " لو أنّ أغصاني تستطيع أن تمد يدها لتصفع كوثر ", لكن كوثر بعيدة عن كل شيء مثل خرافة مسرفة في خيالها..
البنت التي ناداها الناس باسمي فكنتُ هي, و كانت كوثر..
بنت مفرطة في الغيب, يُعاني العالم من وجودها و سيكون كل شيء بدونها أجمل, أتساءل " لماذا أنا الآن أكتب عن كوثر ؟ ", كان من الأفضل لي أن أكتب عن أمي و أبي.. صحيح!, ألم أخبركم بأنني بيتوتية و الكتابة لدي ليس لها طقوسا معينة, هي مجرد عادة رائعة تلبستني منذ الصغر, فعل عادي و يومي, مثل غسل الوجه بعد النوم و مثل الحاجة إلى الماء و الطعام و الهواء..
أريد أن أحكي لكم شيئا, كثيرا فكّرتُ في الانتحار, ( لا داعي لذكر الأسباب لأنه انتحار شخصي ),لا أخاف الموت, لكنني أخاف الحشرات كثيرا ! .

أما هذه المدونة ؛
فهي كتابُ عقلي و قلبي, يحتوي كل فصول خيالي و حقيقتي و هدوئي و انسياب غموضي.. لا أعرف من يفتح هذا الكتاب و يقرأه كل يوم أو كل أسبوع أو كل سنة أو " و لا مرة ! ", ما يهمني من القارئين العابرين و الخالدين لكتابي أن يعتنوا بأساطيري و أغنياتي كلما لامست حواسهم و جرحت دهشتهم و أطفأت نومهم, أحب أن تقلبوا الصفحة عن كلمات مطمئنة لعيون منسية في حروفها .


هذه كوثر .